إسترعت اهتمام ”عبد الكريم الناسي” وهو يمر بزنقة ”ابن زيدون” أناقة امرأة يبدو أنها خرجت من منزل غير بعيد. جلابتها الحمراء الموشاة بالابيض تنسجم تماما مع حذائها الابيض ذو الكعب العالي. على رأسها وشاح به أشكال تتداخل يغلب على الوانها الاحمر. لاحظ عبد الكريم ان تلك المرأة التي جعلته يتوقف ليتابع خطواتها كانت تضع على عينيها نظارات شمسية تغطي جزءا كبيرا من وجهها, لم تتح له فرصة التدقيق في ملامحها, ما لفت انتباهه أنها بأناقتها تلك توقفت عند صندوق القمامة وأطلت فيه استغرقت بضع دقائق وهي تنظر ما فيه كما يفعل اولئك الذين يتخذون من البحث في صناديق القمامة مورد عيش.
ظهر ذاك السابع من مايو من العام ثلاثة والفين لم تكن الحركة كثيفة في شارع ابن زيدون. عجب عبد الكريم ما قامت به تلك المرأة لم ير من قبل امرأة بكل ذلك الكبرياء تقف لتنظر في صندوق القمامة. ضل مكانه يراقبها…
شاهد تتمة هذه القصة الحقيقية في الفيديو أسفله.
ظل مكانه يراقبها.. بعد أن لم تجد ما تبحث عنه كذلك ضن. رأها تواصل السير ولما بلغت ملحق المحكمة الادارية استوقفت سيارة اجرة ركبتها واختفت. كان تصرفا غريبا اربك الرجل الاربعيني الذي لا يخفي ضعفه امام الحسناوات, تحرك من مكانه ولكن صورة تلك المرأة وهي تنظر في صندوق القمامة استفزت فضوله. خطى بضع خطوات ثم توقف, هرش ام رأسه بسبابته ثم انقلب متوجها نحو الصندوق الذي توقفت عنده المرأة ذات الجلابة الحمراء.
لما بلغه توقف ونظر ذات اليمين وذات الشمال ولما ايقن ان لا احد يراقب ما سيقوم به تقدم من الصندوق والقى بنظرة الى ما في داخله. لم يكن هناك ما يلفت الانتباه ثم بدت له حافظة اوراق, نظر من حوله, على الرصيف المقابل رجل وامرأة منهمكان في حديث لا يسمعه, ولكن الاشارات التي تصدر عن الرجل توحي بأنه ذو أهمية. انزل يده في الصندوق حتى لامس حافته بإبطه. امسك بحافظات الاوراق, وحتى لا يثير اليه الانتباه دسها في جيب معطفه وواصل حتى بلغ ملتقى الطرق. في محطة الحافلات بضعة اشخاص ينتظرون, يود لو يستطيع ان يخرج حافظة الاوراق ليكتشف ما تحتويه. يتساءل كيف ان تلك المرأة لم ترها وقد كانت ظاهرة لم تغمرها اكياس النفايات. وفجأة ومض في ذهنه تساؤل اخر مختلف, ولما لا تكون تلك المرأة هي التي القت بها هناك. توقف بضع دقائق عند ملتقى الطرق ثم عاد ليسلك شارع ابن زيدون, قرر ان لا يخرج الحافظة حتى يدخل بيته في حي ايت سقاطو.
يعمل عبد الكريم الناسي نادلا في مطعم احد الفنادق وكان لا يعمل في العادة الى في المساء يغادر الفندق في ساعة متأخرة, ينام حتى العاشرة واحيانا الثانية عشرة زوالا. كان معروفا بأناقته التي اكتسبها في ما يبدو من طبيعة عمله, كان يحرص على ان يكون شعره موظبا توضيبا دقيقا وأن تكون ملابسه نظيفة وحذاءه لماعا. يتقاسم المنزل الذي يسكنه مع امه التي لم تفلح في اقناعه بالزواج, وشقيقة له ترملت ولها طفل وحيد سمته عبد الكريم كخاله وان كانت تفضل ان تناديه كريم.
القى بالسلام وصعد السلم الى غرفته في الطابق الاول. سمع الباب يغلق والمفتاح يدور في القفل, لم يكن في الامر ما يثير ادنى انتباه او استغراب اخرج من جيبه حافظة الاوراق. فتحها, لم يكن بها اوراق نقدية. ثم من إحدى ثناياها ظهر جزء من بطاقة تعريف وطنية. اخرجها, بها صورة رجل لم ينتبه الى الاسم. وضع البطاقة على مائدة تتوسط الغرفة, ثم اخرج بطاقة انخراط في صندوق الضمان الاجتماعي وبطاقة بنكية, ووراء جزء شفاف من احد جيوب حافظة الاوراق ظهرت صورة امرأة تبدو في منتصف العمر, على ذقنها وشم دقيق, تبدو مندهشة. لما ايقن ان الحافظة لم تكن تحتوي على اي شيء اخر تناول بطاقة التعريف الوطنية. دقق النظر في صورة لم تكن تعني له شيئا, لا يظن انه رأى ذلك الرجل من قبل. اسمه محمد ازلماط عنوان السكن المكتوب في البطاقة بولمان. فضل عبد الكريم ينظر الى تلك الوثائق يحدث نفسه بأنها قد تكون سرقت من صاحبها وانه ربما بحاجة اليها لقضاء اغراض له. يعلم ان تجديد تلك الوثائق يتطلب جهدا…
عصر ذلك اليوم سلم ما عثر عليه في مركز الشرطة كان في طريقه ومضى الى عمله. يحس الرجل في قرارة نفسه بأنه قام بعمل نبيل. كان يتصور ان محمد ازلماط الذي لا يعرفه سيحضر الى مركز الشرطة وسيتسلم وثائقه. بعد خمسة ايام جاء من مركز الشرطة من يطلب منه الحضور لأمر هام. لم يتأخر في الاستجابة ومضى قبيل الظهر الى مركز الشرطة. انتظر قليلا ثم نودي عليه, وادخل الى مكتبا كان به ضابط شاب يجلس وراء المكتب…
(القصة كاملة في الفيديو في اعلى الصفحة).